إذا كانت هذه أول مرة تزور موقعنا فلا تنسى عمل Like لايك لصفحتنا على الفيس بوك اضغط هنا

الأربعاء، 3 يوليو 2013

لماذا فشل الإخوان؟

بقلم / د. محمد رياض
في الحقيقة اعترف أني أسأت التقدير والحساب، فلقد توقعت في السابق أن يتحرك الشارع المصري ضد حكومة الإخوان بعد مرور سنتين إلى ثلاثة في حكمهم لمصر، فجاء التحرك بعد مرور سنة واحدة بسرعة أدهشتني.
المهم، بغض النظر عن مسألة التوقيت، كان ما حدث متوقعاً جداً، فقيادة جماعة الإخوان المسلمين التي تتسم بغباء سياسي مطلق إرتكبت اخطاء فادحة كثيرة كان بإستطاعة أي سياسي مبتدأ ان يتجنبها، لعل أهمها:
1. لم يستوعب الإخوان أن من يحكم دولة بحجم مصر لا يجوز أن يتبع دولة مثل قطر!
ظهرت القيادة المصرية الإخوانية بمظهر التابع والمنفذ لسياسات شبه جزيرة قطر وأميرها الأمي، مما أضر بصورة ومكانة مصر كأكبر دولة في المنطقة، وربما لعب القرضاوي بما له من نفوذ داخل الجماعة دوراً في تجير الموقف الإخواني المصري لصالح تنفيذ المشاريع القطرية في المنطقة، بحيث كان واضحاً أن السياسة المصرية باتت تردد بصورة بغبغائية مواقف الخارجية القطرية بخصوص مجمل القضايا الإقليمية بدءً من القضية الفلسطينية ومروراً بالمسألة السورية.
ناهيك عن تدخل قطر السياسي والمالي في الشأن المصري الداخلي، فالتسهيلات غير العادية التي منحت للأموال القطرية في السوق المالية ومناقصات قناة السويس والتنقيب عن الغاز وغير ذلك من الإستثمارات الحيوية، اثارت حفيظة معظم الكتاب والمثقفين والسياسين المصريين حتى المحسوبين منهم تقليدياً على التيار الإسلامي. ولو ثبتت صحة السند المالي الذ وجده المتظاهرون المقتحمون للمقر العام للإخوان والتي تشير إلى إستلام قيادات إخوانية رفيعة منح مالية منتظمة من امير قطر، فإن ذلك سيضيف بعداً أخر لما أقول.
2. لم يستوعب الإخوان أن تملقهم وتقربهم من السلفيين أضر بصورتهم، واظهرهم وكانهم ينتمون لثقافة مغايرة، فمصر ليست السعودية!
غلب على معظم قيادات الصف الأول الإخواني الإنتماء للتوجه السلفي المعروف بتشدده، وذلك بعد إستطاعة التيار المتشدد بين الأعوام 2005 -2010م إزاحة التيار الإخواني المعتدل والأقرب لنبض وثقافة الشارع المصري الوسطية. هذا التشدد الديني والمظهري والسلوكي لم يتقبله الشارع المصري بأريحية. كذلكك ساهم وجود أصوات مغالية في تشددها الديني ضمن الإخوان وحلفائهم السلفيين في تخويف قطاع عريض من أبناء الشعب المصري ورسم صورة قاتمة للمستقبل، بحيث لم يستطع هؤلاء إقناع الشباب المصري غير المتحزب أنهم سيحافظون على هامش الحريات الشخصية والسياسية الموجودة.
طبعاً لا حظ أن المظهر الخارجي من ناحية سيكولوجية مهم، لان السياسي عليه أن يشبه في مظهره الخارجي معظم أفراد شعبه، لذلك لم يظهر أصحاب اللحى الطويلة والأثواب الخليجية القصيرة وكأنهم جزء من المجتمع المحيط بهم، مما ساهم في تكوين صورة نمطية عند رجل الشارع البسيط أن الإخوان والسلفيين شيء والمصرين شيء آخر.
3. لم يستوعب الإخوان أن الرئاسة غير النقابات وإتحادات الطلبة، لذلك فنسبة 50% وكسور لا تؤهلم للإستحواذ على السلطة كاملة.
بما ان الأخوان وجماهيرهم جديدون على ممارسة اللعبة الديمقراطية، فإنهم لم يستوعبوا أن نسبة 50% وكسور التي حصل عليها مرسي لا تؤهلة للإستحواذ على كامل مقاليد السلطة في البلاد، لأن رئاسة الدولة تختلف عن الفوز في إتحادات الطلبة والنقابات المهنية، فرئيس الدولة يجب أن يراعي حجم وثقل معارضيه في الشارع، لذلك وحتى يضمن فترة مستقرة لحكمه، إذا علم أن شعبيته في أحسن حالاتها لم تتعدى النصف، عليه أن يظهر بمظهر الأب الراعي للجميع ويضمن مشاركة مقنعة للأطياف الأخرى في المجتمع في إدارة شؤون البلاد وفي تقلد المناصب العامة.
4. الإنبطاح للسياسة والأوامر الأمريكية والليونة الشديدة مع إسرائيل لا أقنعت أمريكا ولا استوعبها الشعب المصري وصورت الإخوان أمام الإدارة الأمريكية كأنهم منافقون يظهرون غير ما يبطنون وأظهرتهم أمام الشعب وكأنهم كذبوا على جماهيرهم التي عودوها على خطاب معاداة الغرب.
لطالما شتم خطباء الأخوان أمريكا وإسرائيل طوال العقود الماضية، ولطالموا وعدوا الشعب بالرخاء والإستقلال والتحرر من التبعية بمجرد أن يصل الإسلام إلى الحكم، ولطالما هتفوا للقدس وللمقاومة. ولكن ما أن وصلوا للسلطة حتى سارعوا بسحب السفير المصري من سوريا وتعين آخر على وجه السرعة في إسرائيل، ثم تطير رسائل المودة والمحبة بإسم الشعب المصري لصديق الرئيس المخلص بيرس ولشعبه "حسب وصف مرسي نفسه"، كذلك وقع مرسي في فخ سهل لا يقع فيه إلا السذج والمغفلون وضعه له اردوغان، حيث أقنعه بممارسة نفوذه على حركة حماس، التي لا تقل قيادتها السياسة غباءً وحمقاً عن نظيرتها المصرية، لتدخل في إلتزام مضمون بضمانة مصرية تركية لوقف الإعتداءات على إسرائيل ووقف أية أعمال عدوانية على الشريط الحدودي مقابل لا شيء عملياً سوى وقف الإجتياحات الإسرائيلية التي لم تكن إسرائيل بحاجة لها لو يكن هناك "إعتداءات فلسطينية"!! لم تفهم قيادة حماس الغبية طبيعة الفخ، فأوقفت المقاومة وحولت كتائبها لحراس حدود على طول الشريط الحدودي لضمان عدم الإعتداء من الجانب "الفلسطيني" وفي المقابل لم يجرؤ مرسي بفعل الضغوط الأمريكية على رفع الحصار عن قطاع غزة، بينما رجع أردوغان إلى دياره تتملكه السخرية من سذاجة العرب.
وهناك الكثير من الأسباب تحتاج إلى كتاب لسردها، لكن في الحقيقة يبدوا أن الله تدخل بلطفه لوقف هذه المهزلة في مصر، لكي لا يصل الأمر بالشعب المصري لأن يخرجوا من دين الله أفواجاً لو إستمر حكم الإسلاميين لهم بهذه الطريقة لفترة أطول.
وكما قلت في مداخلة سابقة: الأخوان ارادوا الحكم حصراً فازاحهم الشعب قسراً.
درس يجب علينا جميعاً أن نتعلمه، لأن الواقع على الأرض في كل الدول العربية يشير إلى تنوع ألوان الطيف بوضوح، لذلك لن يطغى لون على بقية الألوان إلا ان يكون احمراً فاقعاً جداً، المطلوب الآن وجود سياسيين يتقنون ممارسة الفن التشكيلي ليتمكنوا من التعامل مع كل هذه الألوان بطريقة منسقة.

ليست هناك تعليقات:

الحقوق محفوظة مصر نت 2015 ©